سمكة كبيرة بيضاء تعيش بعدي
قصائد لروبير سابتييه ترجمة: مبارك وساط 1 ـ عشق مُحرّم كنتُ أحب شجرةً وما عدتُ أعرف مَن أحب المرأة عابرةٌ مثل فصلٍ من السنة. أنا من بين الأشجار 2 ـ المرآة والزهرة المراهق يُجَمِّعُ وجوهَه لقد تركَ ضحكتَه للنهر وهو خائف حدّ أن الأغصان تنحني المراهق يُجَمِّعُ زوابعَه 3 ـ ليلة السمكة يمكنني أن أموت فأنا أعرف سمكة فضيّة، حزني، أميرتي وأنا أبتعد، سعيدا بجسمي المشعشع فلتمنحني الأملَ مئةُ سمكةٍ 4 ـ تقسيم الجسد ضعوا عيني في كحول معتّق ضعوا يديّ على ما كان يشكّل قُوّتي وإذا ابيضَّ الشَّعْرُ منّي واقطعوا رِجْلِيَّ إنْ كانت هنالك أرضٌ خُذُوا القلبَ والصّدغ والأذن وإذا الصمتُ من بعدي تمزّق 5 ـ مرورُ الشجرة تمرّ شجرة، يتفرّس فيها رجلٌ حين يجيء الطفل، فالغابة هي التي تتكلّم يتباعدان.. يسرقُ بضع أوراق آخرُ الصرخات ستهجر الحناجرَ شاعر وروائي فرنسي. مواليد 1923
(المغرب)
كانتْ توشوش بأوراقِها
في أذنيّ
وارتكبتُ المحارمَ
مع أختي: الشجرة في الريح الباردة
وُلِدَتْ لنا عصافيرُ غريبة
وثمارٌ غريبة
كانت تعضّ وتقبّل
الشفاه التي تُوضَع عليها.
ومن أنتظر.
الطبيعة هي ـ
إلى الأبد ـ
التي إليها أميل.
وبصفتي هاتِهِ
بداخل غابةِ حبّي الغريب.
لينحني بشكلٍ أفضل
على وجهه الخاص
هو الذي سيموت إذا نسي سنّه
يبحث لنفسه عن جسدٍ
في الأطياف التي تمرّ
ليبرهن لنفسه
على أن الظلَّ يوجد حقّا
الغسّالةُ اعتقدتْ أنها صابونة
النّهارُ الذي يزبد يدهش المضاءة
إلهٌ متوحّش يزحزح الأدغال
والمراهق يهرب بعيدا عن فخاخه
حدّ أن الغابة تتطوّع لتغيثه
وكلُّ العصافير ستصمت لو كانت ستسمعه
لكنه إنْ غنّى سيموت
وهو يركض، يركض
نحو الأفق الذي يتلهّب.
ليتمرأى في الومضة الأخيرة
سيحترق بشرارةٍ واحدة
ويصبح مِشعلاً وسط الصحراء
إذا نسي أن يمشي في حلمِه.
أنّ ثمّة سمكة كبيرة بيضاء
ستعيش بعدي
أحيانا تتسلّل أثناء الليل
من أعماق البحر إلى صمتي
وتكلّمني عن الزمن
الشكل الآني لشهوتي الآتية
هي المتوحّدة في أقاليم قاتمة
ستنتظرني، صديقةً للبحار
مثلما مروحة سفينة
لأشدّ بالبراغي
في دواخل الزمن
أنسلّ من جزيرة إلى جزيرة
لأزوّج الشمسَ بالرياح
وسأحلّ، بموسيقى تحت جلدي،
في المرآة حيث تنحني الأرواح
لأمنحكَم البهاءَ البدْئِيّ.
فقد رأيت الكثير من النجوم والكلمات
وعليها أن تبقى حيّةً بعد اندحار العوالم.
فإنّي صارعتُ الموتَ طويلا
أنا مخلص، وذاكَ كان صديقي الوحيد
وشفتاي عَرَفَتَا مجدّدا غيابَ الكلام
دمِّروها جميعا بالرمل والكلس
لم يعش فيها أَحَدٌ منفاه بزهو
واقذفوهما على سطح البحر كي تمشيا
لتسمعوا هذه الأصدافَ تنبض
في انتظار اندفاعة المدّ
وإذا بقيتُ صدى من دون أسرار
اقطفوا الزهرةَ التي نسمّيها اليقين
واَحْرِقُوني لتدفئوا العالم.
فيدرك أن شعرَها أخضر
وهي تحرّك يداً فتخشخش أوراقُها.
كفُّها رقيقة ويمكن أن تقطف فصول الشتاء.
رويدا تتسلّل عبر السّور
وتشكّل ثمرةً لتلامس البحر
وهو لا يعرف أنّ بإمكان شجرةٍ أن تتكلّم
لذا يحسب أن ما سمعه هو ذكرياتُ الرمل
اللّحاءُ القديم يتعرّف عليه أيضاً
لكنّه يتخوّف من هذا الوجه الشّاحب
فتتململ الشجرةُ كلُّها وتجهر بالوداع
عن كل عرق تبكي سبع نجمات
من أجل نجمةٍ، أهدتْ عينيْها
إلى الأنهار قذفتْ بجذورِها
حين لا تعود الطيّورُ تحطّ عليها
أحدهم سيمزّق فصولَ الخريف واحداً واحداً
وابنُ الشجرةِ يفتح ذراعيه العاريتيْن
ويقول كلماتٍ لتعضّهما الريح.
المصدر: مجلة عيون، العدد8، السنة الرابعة ـ 1999