٣/١١/٢٠٠٥

كلا 6: رقابة عربية: احمد عمر

إلى حضرة وجناب سيادة الأستاذ الصديق المحرر، في صحيفة (الشمس العربية) الغراء، التي ترفع شعار (الحرية الساطعة في الجريدة اللامعة):

سأرسل لك مع قصتي (الذئب وليلى)، التي تعيد إنتاج القصة

الشهيرة، بدائل وعبارات احتياطية، لجمل يحتمل حذفها رقابيا، بحد مقصكم الكريم. فصحيفتكم معروفة باحترامها الشديد لأقلام كتابها، ومشهورة بحرصها على عدم حذف حرف، إلا بعد الاتفاق مع الكتاب والاتصال بهم، والاستئذان منهم. أشكركم شكرا خالصا على رسالتكم، وأردّ بهذه القصة على اقتراحكم. لذا يرجو الانتباه لكل عبارة واردة ضمن هلالين، وشكرا مقدما على نشر قصتي.

قد تذبحون عبارة (رشت ليلى كلب الحراسة الرابض، عند مدخل الغابة، بقطعة لحم، من الوجبة التي كانت تحملها لجدتها). ويمكن استبدالها بعبارة (قدمت له إكرامية أو هدية )، أو ما ترونه مناسبا.

يمكن أن تتعرض عبارة (نبح الكلب في وجهها وزمّجر) للحذف والاستئصال. وإذا شممتم منها رائحة غير مستحبة، وإشارة إلى فظاعات بعض رجال الشرطة تجاه رعاياهم. فيمكن تغييرها إلى عبارة (تبسّم في وجهها وبصبص بذيله مرحبا).

قد لا تعجبكم عبارة (كانت بطة الجدة، تهزّ مؤخرتها سعيدة، في باحة الدار قبل قدوم الذئب) ويحكم عليها بالتقطيع والصلب من خلاف. ويمكن استبدالها بعبارة (.. تهزّ ذيلها سعيدة..) لما للأولى من إيحاء جنسي، ينعظ القراء المكبوتين، ويثير حفيظة المحافظين، وحراس أخلاق الأمة، ويهدّد استقرار البلاد وأمن العباد.

إذا وجدتم حرجا في عبارة (نزل الذئب الشرس من سيارته السوداء، واقتحم دارة الجدة..) فيمكن تغييرها إلى عبارة (خرج الذئب الوديع من وكره أومن عشه. ودخل دارة الجدة بعد قرع الجرس المغرد واستحضار أذن من النيابة العامة..).

يمكن استبدال عبارة (انقضّ الذئب المتنكر في ثياب الجدة على ليلى..) بعبارة (انقضّت ليلى على الذئب الوديع، والتهمته بلقمة واحدة) فالمواطن وليس المسؤول، قد يكون سبب كل بلاء يحيق بالوطن.

لا مانع عندي من تغير جنس القاضي، الذي احتكما إليه (ليلى والذئب) من تمساح فتّاك إلى فرس نهر، أو أرنب وديع..

قد تجدون في عبارة (حكمت المحكمة حضوريا على الذئب بمليون سنة حبس مع النفاذ، وإعادة الاعتبار للصبايا اللواتي اغتصبهن ثم أكلهن، والتعويض عليهن، وإعادة ثروات الغابة المسروقة..) قسوة وتعسفا في هذه المرحلة الحرجة من تاريخنا، والذي نحتاج فيه كل طاقة وطنية، بما فيها طاقة اللصوص والناهبين. خاصة انهم ذوو خبرات، وتضحّون بتلك العبارة. لذا يمكن تغييرها إلى (حكمت المحكمة حضوريا على المدعية ليلى بالسجن (المدة التي ترونها مناسبة) عرفيا، أو حكما غير قابل للاستئناف، لقذفها وطعنها في شخصية اعتبارية، محترمة، ومسؤولة، بدون بينات ووثائق. ولولا خروجها من بيتها سافرة متبرجة، لزيارة جدتها، في يوم ماطر، بارد لا تخرج فيه الطيور الجائعة من أوكارها، لما أغرت الذئب بالتهام جدتها، المحتضرة، بلحمها العجوز، القاسي، غير القابل للمضغ، الذي عانت منه أسنان السيد الذئب المحترم. وتحكم المحكمة ببراءة الذئب وردّ دعوى المدعية ليلى، ومن ثمّ دعوى محاولة التهامها مع سبق الإصرار والترصد.

وهكذا تكون القصة قد انتهت نهاية سعيدة، مثل كل المسلسلات التلفزيونية. فحال الأمة اليائسة لا تتحمل أي تنكيد أو تنغيص. أكاد أسمعكم تقولون هذا. و يمكن إضافة عبارة ( عميلة للخارج أو لجهات أجنبية أو للاستعمار ) ويمكن لصق التهمة بالجدة أيضا، فالعرق دساس ولتوفير عنصر الإقناع في القصة وموافقة واقع الحال؟

القصة كما ترون، يا صديقي المحرر، مكتوبة بأسلوب كليلة ودمنة الرمزي، وزيادة في الترميز والتوريّة، والتقنع، للهروب من مقص الرقيب، واحتمال بعد نظره وقدرته، على قراءة ما وراء السطور، وهو أحيانا، حاشا صحيفتكم الغراء، يتجاوز القص إلى تبليغ جهات أخرى، غير ثقافية، لملاحقة الكاتب والتضييق عليه واعتقاله. كما حدث مع الكاتب (..). وعليه: لا مانع عندي من كتابة الجملة التالية تحت نص القصة: مترجمة عن التركية. أو قصة للكاتب التركي الساخر يواش يواش باشا. أو جاتين اوغلو. وأجيز لكم تغيير عنوانها إلى (السيد الذئب وحرمه المصون ليلى) واجيز لكم حذف اسمي كمؤلف أو كمترجم. فأنا أستطيع، ببعض الشجاعة والتقشف، الاستغناء عن المكافأة المالية الرمزية، رغم جوعي الشديد، وفاقتي، التي قد تدفعني قريبا إلى التسول. ففي النهاية سيعرف مخلوق واحد، على الأقل، أنها قصتي، وهذا المخلوق زوجتي، والتي قد تحترمني، بعد نشرها، في الصيغة الأصلية أو المعدلة، بقطع الغيار أعلاه. وتكفّ أو تخفف من تعييري بأجر عملي البخس، وقلة حيلتي، وهواني، في عقر وطني..

10/9/2001

����
���� ������