٢/٠٩/٢٠٠٥

سُوقُ الجنّة

ابن عربي ( 560-638 هـ)

أَلا تَرىَ الصُّور فِي سُوقِ الجنّةِ كُلُّها بَرَازخ، تَاْتِي أَهلُ الجَنّة هذه السُوق وهي التي تَتَقلبُ فيها أعيانُ أهل الجنّة، فَإذا دخلوا هذه السُوق فمَنْ اشْتَهَى صُورةً دَخلَ فيها، وانْصرفَ بِها إلى أهْلِه كما ينصرِفُ بالحَاجة يشْتريها من السوق فقد يرى جماعةٌ صورةً واحدةً من ذلك السُوق فَيشتهيها كلُّ واحد من تلك الجماعة فَعَينُ شَهوتهِ فيها التبسَ بها ودخلَ فيها وحازها فيحُوزها كلُّ واحدٍ من تلك الجماعة، ومَنْ لا يشتهيها بعينه واقفٌ ينظرُ إلى كلِّ واحدٍ من تلكَ الجماعة قد دخلَ في تلك الصُورة وانصرفَ بها إلى أهله، والصورةُ كما هي في السُوق ما خرجتْ منه."

كي يعثروا على الغريب بين أهله
أكرم قطريب
(سوريا/ سان فرانسيسكو)
الهاربون الى سطوح منازلك
لم يستطيعوا النوم
ببنادقهم وعظامهم و قبعاتهم المثقوبةسقطوا كحفنة الملح
على الصفيح الذي أخذت عليهالرجل بين ذراعيك
ومعهم خمسة أطفال وندوب مرسومة تحت العين
الهاربون
من أجل ذلك كله
اندلقوا في جهاتك ومعهم الأرمن وأكراد الجبال والشركس والآشوريون وهنود الدلاوير والبربر
كي يعثروا على الغريب بين أهله
الغريب الذي خبأته الفخذ الممدودة على الرمل
***
سان فرانسيسكو خريف 2004
جهات الشعر

مقطع من قصيدة بسوا التي غيّرت حياة أنطونيو تابوكي مكتب التبغ
لستُ شيئا.
لن أكون شيئا يوما.
لا أقدر أن أشاء ألا أكون شيئا.
باستثناء ذلك، أحمل فيّ كل أحلام العالم.

يا نوافذ غرفتي،
غرفتي التي خلية مجهولة في المنملة البشرية،
(وأي معرفة أصلاً إن عُرفتْ؟)،
تطلّـين على غموض شارع لا يكفّ عن الذهاب وإلاياب،
شارع لا يمكن أن تطاله ولا أي فكرة،
حقيقي ما وراء الممكن، أكيد أبعد من السرّ،
مع ألغازه المطمورة تحت الحجارة والناس،
مع الموت الذي يعفّن الجدران ويبيّض شعر الرجال،
مع القدر الذي يجرّ عربة كل شيء على درب اللاشيء.

اليوم انا مهزوم، كما لو اني اعرف الحقيقة؛
أنا اليوم واعٍ كما لو أني سأموت
ولم يعد من تآخ بيني وبيني الأمور
سوى تآخي الوداع، اذ يتحول هذا المنزل وهذه الجهة من الشارع
قافلةً من الحافلات، صفّارة انطلاقها طالعة من أعماق رأسي:
تخلّع أعصابي وصرير عظامي حين تقلع.

أنا اليوم حائر، كمن فكّر، وجد ثم نسي.
ممزّقٌ بين الولاء الذي أدين به لمكتب التبغ،
بصفته حقيقة الخارج،
وبين شعوري بأن العالم محض حلم، والحلم حقيقة الداخل.

لقد أخفقتُ في كل شيء
لكني إذ لم أكن طموحا، لم يكن ربما هذا الكلّ شيئا يُذكر.
المبادىء الصالحة التي علّموني إياها،
هربتُ منها عبر نافذة الفناء.
ذهبتُ الى الحقول حاملا مشاريع كبرى،
لكني لم اجد هناك سوى العشب والشجر،
والناس- حيث ثمة ناس- كانوا يشبهون الجميع.
أتركُ النافذة، أجلسُ على كرسيّ.
في مَ يجب أن أفكر؟

ماذا أعرف عمّا سأصيره، أنا الجاهل ما أنا؟
يجب أن أكون ما أفكر فيه؟ لكني أعتقد اني هكذا وأكثر!
كثر يعتقدون الشيء نفسه، كثر حد أنه لا يمكن ان يكون ذلك صحيحا!
نابغة؟ في هذه اللحظة بالذات
مئة الف دماغ ترى نفسها في المنام نابغة مثلي
ولن يحفظ التاريخ منها ربما- من يعرف؟- حتى دماغا واحدا؛
قمامة: ذلك جلّ ما سوف يبقى من هذه الفتوحات المستقبلية.
لا، أنا لا اؤمن في نفسي.
في كل المصحات العقلية هناك مجانين يسكنهم اليقين ذاته!
انا الذي لا يقين لي، أتراني أكثر تيقنا، أتراني أقل؟
لا، لستُ حتى متأكدا مني...
في كم من علّيات العالم ومن لاعلّياته
يحلم في هذه الساعة عباقرةٌ في نظر أنفسهم؟
كم من المطامح السامية والواعية والنبيلة
- أجل، سامية وواعية ونبيلة حقا-
ومن يعرف، ربما قابلة للتحقيق ايضا...
سوف لن ترى قط ضوء الشمس الحقيقي
وستجد آذانا صماء؟
العالم ملك من يولد ليغزوه،
لا ملك من يحلم، وإن عن حق، بأنه قادر على غزوه.
لقد حلمتُ أكثر مما حلم نابوليون بكثير،
وعلى صدري الافتراضي ضممتُ من الانسانية أكثر مما ضم المسيح،
وسرّا صغتُ فلسفات لم يكتبها أي كانط،
لكني سأظل، الى الأبد ربما، كائن العلّية،
من دون ان تكون هذه حتى بيتا لي:
سأكون دائما ذاك الذي لم يولد لتلك الغاية؛
سأكون دائما ذاك الذي يملك هباتٍ، ليس اكثر؛
سأكون دائما ذاك الذي ينتظر
أمام جدار بلا باب
أن يفتحوا له الباب،
ذاك الذي أنشد أغنية اللامتناهي العاطفية في مزرعة دواجن،
وسمع صوت الله في بئر مسدودة.
أن أؤمن في نفسي؟ ليس اكثر من ايماني في لا شيء...
ولتصبّ الطبيعة على رأسي المحموم
شمسها وأمطارها ورياحها التي تلامس شعري؛
أما الباقي، فليكن ما سيكون، أو ليكن لا شيء على الاطلاق
لشبونة، 15 كانون الثاني 1928
ألفارو دي كامبوس
ملحق " النهار " العدد 672 - الأحد 23 كانون الثاني 2005

الرجل السيء
رياض الصالح الحسين
وأذكر أن المرأة الزرقاء عندما رأتني أبكي جثثا وفقراء
قالت: عيناك مرآتان لخمسين قارة من الوجع والانتظار
وقالت المرأة التي ترتدي العاصفة والوحوش:
أنت تعرف الكثير عن صبابا الأزقة المغلفات بالأقفال البلاستيكية الملوثة
والأطفال الأغبياء المتمسكين بالأحصنة الخشبية ونهود الأمهات
وقالت المرأة بعد أن فتحت شاشتي عينيها:
(كان ثمة عاشق يرعى فيها شجرا ومعتقلات)
يداك قاسيتان ووديعتان
وأصابعك عنيفة ومعذبة
فهل لمست بها الرغيف الثمين أو الشفاه
الرمادية المرتعشة
هل قبضت على العالم?
وقالت المرأة لي:
أنت تهذي كثيرا بأسماء الأسماك والأعشاب البحرية
وتفتح مملكة دماغك ليل نهار لقوافل الفجر التائهة
وتخرق بأظافرك لحم الأبواب والجدران السميكة
فأي الأشياء أحب إليك:
أن تمضغ بشراسة رؤوس العصافير
?أو أن تكسر الصحون والموائد المصنوعة
من خشب الجوز?
وقالت لي أيضا وهي تنظر إلى الرأس
المشوه المتوتر في لوحة لسعد يكن:
أمك بجانبك تنحني عليك كيمامة
وأصدقاؤك يقبلونك في المناسبات
وأنا أدفئك في ليالي تشرين الباردة
وأرسل إليك الأحلام الشاسعة والمكاتيب
فماذا تطلب غير ذلك?
!..أتريد أن تفجر النبع? أم تود أن تحرث المجرة?
وقالت المرأة القاسية:
ابتكر لك الدنيا..
خمسة جدران بيض
وسرير أبيض
ووردة بيضاء في كأس:
وكان يمكن أن أبتكر نعشا
أنا الرجل السيء
لفاطمة العنيفة ونزيه الخائف والبحر التعيس
للأقفال الكريستالية السوداء
للقرى الصاخبة بالعنب والديوك والبطون المقعرة
للأغاني الممزقة في سلة المهملات
للمعاملات العقارية المبطنة بالأختام
لحبوب الأسبرين والعشاق
لمصارعي الثيران الأذكياء في إسبانيا
للمجرفة الصلبة والفلاح الرقيق
للدم الأخضر ومرتزقة الانقلابات
أنا الرجل السيء
كان علي أن أموت صغيرا
قبل أن أعرف المناجم الحارة والدروب
المرأة التي تغسل يديها بالعطور
والملك الذي يزين رأسه بالجماجم
الولد الخبيث ذا اللثة الطرية الذي يقشر
الحليب من البكتيريا والحروب من الانتصارات
أنا الرجل السيء
كان علي أن أموت صغيرا
قبل أن أعرف الأشجار الإرهابية ومافيا السلام
وفاة بائع المرطبات على سكة القطار
والغجرية التي أهدتني تعويذة وقبلة
وكثيرا من الأكاذيب
أنا الرجل السيء
كان علي أن أموت صغيرا
قبل أن تفترسني الوردة
,وينحت الفنان النظيف من عظامي القلائد والأقراط
:الفنان النظيف الوردة النظيفة
يرسم الفنان النظيف الوردة النظيفة
في حجرة ممتلئة بزجاجات البيرة
والعرايا
لافتة الفنان النظيف:
الفنان النظيف يحب الوردة
الحب للوردة والوردة للسكاكين
أيتها السكاكين المسكينة
أيها الجسد الإنساني القذر
أيتها الكلاب المعبأة بالمقانق والمحبة وعبير النعناع
أنا رياض الصالح الحسين
عمري اثنتان وعشرون برتقالة قاحلة
ومئات المجازر والانقلابات
وللمرة الألف يداي مبادتان
:وللمرة الألف يداي مبادتان
كشجرتي فرح في صحراء
الشمس الشمس
الشمس الناضجة
الشمس المدورة كنهد
المنتشرة كالطاعون في القرن التاسع عشر
المضيئة كعين طفلة بقميص شفاف على البحر
الشمس الشمس
تمر بأسنانها على عنقي اليانع
وتقضم أيامي كما يقضم الطفل تفاحة أو قطعة بسكوت
فتنقفل يداي على صدري
يداي, كخطى الجنود, مبادتان
اسأل صديقتي
(صديقتي لحم ودم وخراب)
(الشارع ضيق عندما نبكي
قليل عندما نشتاق)
اسأل صديقتي:
لماذا, للمرة الألف نباد..
منقطعان عن الحب
ممتلئان بالخنادق كامتلاء دمية بالقش
وبعد قليل يغطي الغبار جسدينا
وبعد قليل نتشبث بغصن التعب
متعبان
البارحة
متعبان اليوم
وربما غدا , أيضا , نكون متعبين
فمي مباد ولذا لا أستطيع أن أقبلك
يداي مبادتان ولذا لا أستطيع أن أسرقك من البرد
في المقهى ننام
في الشارع نبكي
من الحقل مطرودان
من المدينة أيضا
السيارة أداة للقتل
وغصن الزيتون مشرط لاقتلاع جلدة الرأس.شاعر سوري راحل
http://www.alitijahalakhar.com/archive/67/culture67.htm#serliaa

ساعة مع محمد الماغوط

عباس بيضون

http://www.jehat.com/ar/default.asp?action=article&id=6969

����
���� ������