٣/١٤/٢٠٠٥

لا الفولاذ يحميك

نزيه أبو عفش

لا الفولاذ يحميك,
ولا اليقين يبرئك من لسعة دبور الموت,
ولا شهوة الخلود تطفئ شهوة الزوال..
.. وتذهب بعيدا!!
إذن , فلا تذهب بعيدا أيها العظيم الأعمى.
: أبدا وأبدا ستبقى هكذا
عاريا ومرئيا
كلطخة (صارخة) في بياض ثوب العرس,
مستترا - كالقط الحقود-
خلف متراس الواثق
وتعاسة المستبد
وهلع القاتل القاتل....
ومذموما في سريرة معبودك وعابدك:
الموت.

مرئي أنت ومقتول
في العظام المطحونة تسمع أصداء شهقتك..
ويرى دمك مسفوحا
في تويج الوردة الذبيح.
و.. في كل ما تلمس وتبصر وتشتهي
وتشم وتشرب وتحلم...
ستراك : ميتا.
حيثما اختبأت
سيلمع ظلام نفسك كجوهرة مسروقة,
وستصرخ:
هذا أنا
هنا,
تحت, وفوق, وفي ظلام القوة العالي,
مرئي, مدرك, ومقتول
في حيرة المستضعف وخوف البريء
في استغاثة اليائس
ولعثمة عين الآمل
وطقة قلب المخذول,
في قنوط البذرة
وندم الطين
وارتباك دودة الحياة...;
وفي ضجر مرضعتك السخية, الأرملة
: الحياة.
وأيضا, في ما لا تسمع له صيحة
ولا يبصر له ظل:
في التراب المنتحب..
في هواء جنازات الموتى
في عشب الخليقة الموطوء..
وفي الحجر الأبكم
الغشيم
الدامع من آلام الشفقة
أو من آلام الجنون.
وأكثر:
في ما يفشى من أسرار الخائف
أمام عين الكابوس!...
: بيضة الثعبان ستفضح مخبأك
وغراب قابيل يدل الأموات إلى قلعتك;
وتدركك لعنة الدم.
إذن.. فاذهب بعيدا
اذهب في عتمة القوي الأعمى
اذهب في التحت
وفي الفوق
وفي دهاليز نشوة الحيوان.
إذهب في جبروت الأب- مانح الموت.
اذهب في امتداح حكمة الفولاذ..
اذهب في خديعة الأمل...
أو اذهب
إلى
ما تشاء.
لكن, احذر:
فعلى غير ما تشاء,
ستطول حياتك
وتعيش ميتا .

بالون أسود


(marti garaughty)

نوري الجراح

أمير نائم وحملةٌ تنتظر

كما لو أنني نمتُ تحت شجرة
وهزَّتْ قيلولتي أبواقٌ بعيدةٌ،
خطى خفيفة مشت
في حسّي،
وأودعت ما حملتْ في غيهبٍ.
وإذ مشت مرّة أخرى ووطأتْ نومي
تقلّبتُ
ونفر الهواء خائفاً.
كانت الازهارُ تقصُّ
والضوء يفككُ الممشى، بسلام
حتى انني رأيتُ خيالي مشطوراً
وخلتُ الملابس، في خفّتها، تطييرَ أصواتٍ.
الأحصنة تقتربُ
وقع حوافرها يتجلّى على الصخور
إنني أرى قوائمها المتكسرة
وفرسانها المجندلين في الهواء.

حفل متأخر

متى مات كلُّ المبتهجين والكؤوس في أيديهم
وتلك التي هرعت بقطرة النبيذ على قميصها السكّري
اي سرير حصد ابتسامتها
الأطول،
الأفتك جمالاً
طوال ليلة،
لموظّفين فقدوا شهيتهم وطاشوا في الغرف.

بالون أسود

هل يكفي أسبوع في مدينة
للقول، مراراً، بعد ذلك:
كنتُ في لندن
أو:
عندما كنتُ في لندن
أو:
ياه
كم كانت جميلة
ثم بنزق:
الباردةُ القبيحةُ
وفي الخلاصة: الوقتُ يمرُّ مريضاً على الجسر.
هل يكفي أسبوع لشخص مثلي
لعبور هذيان ما بعد الظهر، واختبار مدينة،
للإلتفاف على شوارع سيامية
وقراءة صفحات من جورج أرويل
في فنذق رخيص في بادينغتون
برد محترم ينزهني في الغرف،
ولا بد من إرجاء أمر،
سأطلب تبديل الغرفة بأخرى تطلّ على القناة.
لندن هذه، ام مقبرة في البحر.
بعد الظهر، ايضاً، لأن ليس هناك
ما هو أميزُ من ذلك.
عربات الاجرة سوداء مقطبة
وأبطال العلمين، بياقات فاخرة، الى حفل راقص.
وعلى الطريق، في خضرة رمادية
السكرتيرة الفاتنة تدفع في الارجوحة
مديرها الجديد؛
اوداجه حمراء، كما لو كانت دم جميع الهنود!
وفي يده البضة خيطٌ يمرحُ ببالون أسود.

بعد علبة كوكا كولا

ماذ يرسّخُ جالسون
هنا
في غبش ينزلقُ على المقاعد والطاولات
والحواف المستديرة،
وغبش يغمر الأيدي ويطيش
كلما فُتح بابٌ وانهمرت في البهو حجارةٌ جديدةٌ.
العمالُ يحفرون الطريق وينتزعون، بأيدٍ مجرّحة، احشاء المدينة
عمال الحاكم الأنيق في التلفزيون
عمال البرلمان المنعقد في زورق عشاء رومانطيقي
تحت الماء
تحت الماء
والغواصون يهيمون أعمق ويعودون بالملابس،
ووثائق الجلسة الاخيرة.
عمال كأس الحليب، وصفحة الجريمة، واستاد الاحد
قَدَمُ المليونير ورأسُ الغريب، والتلويحُ بالقمصان.
فُتح الباب ودخل رئيس الوزراء بملابس الصيد.
فتح، مرّة اخرى، وأطلّ نمر، وتوارى في الغبش.
اما الآن، اعني منذ الآن،
وكلما فُتح البابُ
سيصطادُ الغبشُ لاعباً جديداً.

مطارق نحاسية

كان حزيران فتى ماهراً يسبحُ
وقتما رجّع صوتٌ صرخةَ البحر
نزلنا
ومشينا في ظلالٍ
كسّرَ الزورقُ نور الشمس
ورأينا
من وراء السورِ
دمَ الظهيرة يقطرُ،
ويسوّدُ
والشاطئ يتفرّجُ.

شظايا في ذراع محارب

إي. إي. كمينكس، لأنه مات ورجع من الموت
وهو مقيم معي في البيت.
إيمان مرسال في مرات، ومحمد بلا محنة.
علي احمد، ومحمود، ومن قُتلوا سراً، ودفنوا في القصيدة
عباس بعد الظهر، وأنسي في شرفة تطلُّ على القصيمي.
مما يشكو سركون عندما يتمدد في حرير الظهيرة
وأذنه في التراب،
أهي ضجة خميس هولاكو،
أم صرير العجلات التي عجنت أبطال توني موريسون.
من سبى نساء الشاعر الضريرات الجميلات السائرات في النوم،
وتركه في مفارق الطرق بعينين ذابلتين من السهر،
وبوق يرفع نفير المعركة.
إي. إي. كمينكس وفتحي عبدالله وشارل شهوان
والعلامات الموسيقية المحمولة على حصان ينهب الأرض.
وطوال الوقت، نافذة معلّقة في صحراء.
هناك سينتظر عبدالقادر،
بلا أمل في شيء،
بلا أمل في شيء،
تعال، يا أنطونيو نجّار، سأزوجك كليوباترة.
يهوذا
ولدتُ في كهفٍ حَرَسَتْ بابه قصة طريفة.
والآن،
بعد الخبز والخبز والخبز،
وبعد الهوى، والراحات المرتجّة بقطرات الزئبق
بقي لي ثلاث سنوات، فقط،
لأصعد السلّم وأعود بالبريق.
المعذرة، يا هيرودوس، أتعبتكَ معي
سأعوّض لكَ كلَّ هذا بسطرٍ طائرٍ،
وأنت، يا يهوذا، بحاشية مضيئة في رواية ما حدثَ.

المسيح الموجة الزرقاء

من على قطعة الأرض الجارحة صعدت الى المنزل
ومعي ثلاثة مسامير
للذكرى.
أمي كانت تغزلُ الصوف، وكنتُ في رحلةِ هيرودس.
والآن، في عيد ميلاد السمكة
أنا هديته لجميع الأطفال.
أنا الطفل الموجة الزرقاء.
لا تتركوني أبتعد على شاطئ فلسطين،
لا تتركوني أطيل النظر الى السمكة الحيَّة في يد الإله الحيّ،
الظهيرة تختطفُ القدم الخفيفةَ
قدمي خفيفةٌ، وأخاف نجمةَ الماء.
أيها الشاطئ اللاهي، أيها السيف على الركبة وفي العميق الصارخ،
يا بحر فلسطين،
أأنا هو الدم المراهق في ماء خفيفٍ
لن أنزل،
لن أطأ هذه الأرض.



بيرقدار: السجن، هل يكفي أن أقول إنه حليف للموت؟


شاعر سوري يرى بأن "السياسة ساعدت على التخفيف من فوضى الشاعر
"
عرف الشاعر السوري فرج بيرقدار بقصائده أولا وبالتجربة المرة التي قضاها في السجن ثانيا بسبب مواقفه السياسية , وهو من مواليد 1951. وقد دخل السجن عدة مرات و قضى في المرة الأخيرة قرابة أربعة عشر عاماً وقد خرج منه في نهاية العام 2000 بفعل حملة دولية تضامنت مع حالته وعملت على إطلاق سراحه.وبعد خروجه عاد إلى الساحة الشعرية عبر العديد من الأمسيات والندوات والمهرجانات في دمشق وعمان وألمانيا وفرنسا وسويسرا وهولندا والسويد وبريطانيا.
أصدر بيرقدار عدة مجموعات شعرية هي :
ـ وما أنت وحدك، دار الحقائق، 1979
ـ جلسرخي، قصيدة مطولة، دار الأفق، 1981
ـ حمامة مطلقة الجناحين: 1997, وقد ترجمها الشاعر المغربي عبداللطيف اللعبي إلى الفرنسية.
ـ تقاسيم آسيوية، دار حوران، 2001
وثمة مجموعات أخرى من كتابات السجن مخطوطة وقيد الطبع.
حائز على جائزة هلمان/هامت، 1998 وجائزة نادي القلم العالمي، 1999
هنا حوار مع الشاعر حول الشعر, والحياة خلف القضبان ومواقفه من الأدب والسياس


http://www.jehat.com/ar/default.asp?action=article&id=7326

أثر أسود لبطن ملعقة

فراس سليمان محمد
(سوريا/ نيويورك)

ستخرج
لكن شيئاً لايتغير
أو.. ربما
ليس مهماً
على يدك أثر تقريباً أسود
لبطن ملعقة
ماعدت لتتخيل أنك في شارع .
لأجلها تلك الصدوع
التي تتآلف في القبو
تتخذ من الأدوات التي تنمو
بطيئةً..وأكيدةً
مسافةً فاصلة '
وبحجة الصدوع
وبحجة أنك تحسّ طيناً في أحشائك
لاتطلق صفةً على طاولة
ولاماءً على آلة
تمشي طويلاً لتصل إلى أعلى اللحظة
وتحرق مزاراً من الإشارات
ولأنه هنا ثمة قنانٍ وأكياس بلاستك
وأوراق وغبار يخرّب محرّكات العتمة
ولأنك تفكر بالخروج
ليس من أجل رائحة الله
ليس لأنك تحتاج محارم
بل لترى أثر بطن الملعقة على يدك
ولأنك خرجت رجلاً من نمل وساعات معطلة
عليك أن تتذكر بحنين مغشوش
الطيرَ الخرافيَّ رخواً وكبيراً على سريرك .
مثلك في شارع
على جبينك أثر أسود لبطن ملعقة

دخنة

الرجل على الناصية
يخفي مسدساً أسودَ لامعاً
وراء ظهره
فجأة يطلق الرصاص
على الدخنة الخارجة من مترو الأنفاق
فجأة..
شهية رائحة الظلال وهي تحترق
المرأة على الناصية الأخرى
تصف بدقة ما لاتراه

جسد

رائحة عادتك الشهرية
رائحة صالة سينما مهجورة
....
.....
رائحتك جسدٌ آخر
أحبك لمّا تتكررين

***

ليديك حكمة الأبيض
ليديك
مخيلة قطيع من الخمور
بينما يدي
على غيمتك السوداء
كلب محبوس في كراج

***

جسدي الذي تلتهمين
.....
عميقاً
هل ستعضين على الخفّاش داخلي

***

ليس من قصيدة
تتسع لك
ولارحمة إله
وأنت ترتجفين إلى شهوتك
...
......
شهوتك وهي تزأر
كمكنسة كهربائية
كهنوت ينضج

من مجموعة أشياء النسيان اللازمة المعدة للطبع

http://www.jehat.com/ar/default.asp?action=article&id=7369

����
���� ������